يعتبر مقياس الطرق البديلة لتسوية المنازعات الإقتصادية من المقاييس المهمة لتخصص قانون أعمال، حيث يرتبط بالقانون الإجرائي، من خلال معرفة أهم الوسائل البديلة لتسوية مختلف المنازعات والخلافات، والتي تنشأ عن الكثير من العلاقات في مختلف المجالات الخاصة والعامة، الداخلية (الوطنية)، والخارجية (الدولية)، وسواء ارتبطت تلك الطرق البديلة لحل النزاعات بالقضاء بدمجها معه أو لم ترتبط معه، وبالرغم من وجود نظام قضائي لحل مختلف المنازعات وفي كافة المجالات، إلا أنه ومع تطور النشاط الاقتصادي، ظهر نظام استثنائي لتسوية المنازعات المرتبطة بالأنشطة الإقتصادية والمتعاملين الاقتصاديين عرف بنظام الطرق البديلة لتسوية المنازعات الإقتصادية، يتماشى مع خصوصية النشاطات الإقتصادية التجارية والصناعية، والتي تتسم بالمرونة والحيوية والسرعة، والتي تفرض خلق مناخ قانوني مناسب،وذلك بتسهيل الإجراءات أمام المتعاملين الاقتصاديين الوطنيين والأجانب والتي منها: إجراءات الفصل في المنازعة الاقتصادية في أقرب الآجال، خصوصا وأن النزاع الاقتصادي يكتنفه التعقيد ويتسم  بالطابع التقني، والفني، ويرتبط بالمصلحة العامة الإقتصادية، مما يتطلب طرق وتقنيات خاصة لحله.

ولقد تعددت الطرق البديلة لحل المنازعات الإقتصادية، نظرا للتعقيد الذي تعرفه البيئة الإقتصادية الوطنية والدولية، حيث يوجد عدة طرق بديلة ودية لفض المنازعة كالمفوضات والوساطة و التوفيق والصلح، والتحكيم، مع العلم أن بعض هذه الطرق أو الوسائل أو الآليات البديلة عن القضاء لفض وحل المنازعات خاصة الإقتصادية، وفي بعض التشريعات القانونية المقارنة الوطنية والدولية، قد تكون بتدخل القضاء أو دونه كما هو الحال في الصلح أو الوساطة القضائيين، أو في حالة الصلح أو الوساطة الاتفاقيتين،  أو في حالة الرقابة القضائية على أحكام التحكيم، كما أن تفعيلها قد يكون اختياريا أو إلزامياً خصوصا في ظل العلاقات الإقتصادية الدولية،وهو ما يقودنا إلى معرفة مفهومها وأنواعها وطبيعتها وتنظيمها القانوني، وكذا مدى إمكانية تدخل القضاء فيها.

والجدير بالإشارة أن التشريعات الدولية والوطنية المقارنة اعتمدت نظام الطرق البديلة لحل المنازعات،  كالتشريع التونسي والموريتاني، والفرنسي، والإنجليزي، على غرار المشرع الوطني الجزائري وذلك في قانون الإجراءات المدنية والإدارية رقم: 08-09 المعدل والمتمم، وما جاء في النصوص التنظيمية الأخرى، كالمرسوم التنفيذي رقم: 09-100 المحدد لكيفيات تعيين الوسيط القضائي، وما أبرمته كذلك الدولة الجزائرية على الصعيد الاقتصادي من اتفاقيات دولية كالاتفاقيات الدولية الثنائية المتعلقة بالحماية والتشجيع والترقية المتبادلة في مجال الاستثمار، وغيرها من الاتفاقيات الأخرى، هذا فضلا عما كرسته بعض المنظمات الدولية كمنظمة الأمم المتحدة أو المنظمة العالمية للتجارة، في مجال تسوية المنازعات بطرق البديلة، سواء في إطار القانون الدولي العام أو في إطار العلاقات الدولية،  الخاصة، 

لذلك يهدف هذا المقياس إلى تمكين الطالب من معرفة الطرق البديلة لتسوية المنازعات الإقتصادية، (ALTERNATIVE DISPUTE RESOLUTION) المرتبطة بالقانون الإجرائي والتنظيم القضائي، في ظل مقتضيات البيئة الإقتصادية، من خلال الإشارة إلى مفهوم النزاع الاقتصادي وخصوصيته، ثم التطرق إلى تعريف الطرق البديلة وأنواعها وطبيعتها القانونية (الفصل الأول)، وصولا إلى التنظيم القانوني للطرق البديلة في التشريع الدولي والوطني، وكذا مدى تدخل القضاء فيها(الفصل الثاني).