يقدم المرفق العام خدمة عمومية لها أهداف ترتبط ارتباطا وثيقا بتطور الحياة في المجتمع، وهي تزداد وتنمو بشكل مضطرد ومستمر، ولأنها تهدف إلى تلبية حاجاته كما ونوعا، فلا بد أن يواكبها تطور المرفق العام بشكل دائم لا سيما من حيث طرق إدارته وتسييره، إذ أن الأساليب التقليدية في تسييره لم تعد تتلاءم والتطور الكبير والسريع الذي شهدته المهام الحديثة التي أصبح يضطلع بها.

لذلك يعتبر تفويض إدارة المرفق العام إحدى الوسائل الناجعة في التسيير الحديث، ولا يعد تفويض إدارته إلى أشخاص القانون الخاص بمثابة تخل للسلطة المفوضة عن المرفق محل التفويض، وإنما تبقى مسؤولة عن حسن إدارته واستمرارية سيره وفقا لأشكال التفويض، حيث تختلف طرق تسييره حسب طبيعة المرفق العام ونوعية الخدمة التي يقدمها. يعد تفويض المرفق العام وسيلة للانتقال من الطريقة المباشرة إلى الطريقة غير المباشرة لإدارته، وهذا بهدف تقليص الأعباء المالية التي تقع على ميزانية الدولة الناجمة عن التسيير المباشر للمرافق العامة، خاصة بعد ثبوت عدم نجاعة الوسائل التقليدية في تسيير المرافق العامة سواء عن طريق التسيير المباشر أو عن طريق المؤسسة العمومية.

ويعتبر تفويض المرفق العام من التقنيات الحديثة نسبيا في تسيير المرافق العامة في الدولة، وهذا بسبب تعدد مهامها وتزايد نشاطها، إذ يعد من العقود الإدارية حيث تكون الإدارة طرفا فيها مع شخص عام أو خاص، حيث تعهد بموجبه السلطة المفوضة تسيير بعض المرافق العامة لأحد أشخاص القانون العام أو الخاص في إطار القانون، وهذا على نفقته مقابل الحصول على مقابل مالي من المرتفقين في شكل إتاوات.

لقد توجت هذه النظرة المستحدثة لتسيير المرفق العام والتي كانت نتيجة اجتهادات فقهية وقضائية، بإصدار المرسوم الرئاسي رقم15-247 مؤرخ في 06 سبتمبر 2015 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام، و المرسوم التنفيذي رقم 18-199 مؤرخ في 02 أوت 2018 يتعلق بتفويض المرفق العام.

تكمن أهمية هذه المحاضرات في إظهار أهمية تقنية تفويض المرافق العامة في تحسين تسيير وإدارة المرافق العامة، من خلال إبراز أهم عناصرها القانونية وأشكالها، وكذلك مدى نجاعة أشخاص القانون الخاص في تسيير واستغلال المرافق العامة.


يسجل المحاسب العمومي عمليات الخزينة حسب طبيعتها بشكل كلي متحاشيا في ذلك إدراج أي تناقض بينها وبين العمليات الميزانية، ومن خلال هذه المميزات لعمليات الخزينة يمكن تحديد مدى تطبيق مبدأ وحدة الخزينة، وكذا إيجاد قاعدة وحدة الصندوق الذي يتجلى بتركيز الأموال على مستوى الخزينة  (la centralisation des fonds au niveau du tresor)

وتعتمد مجموعة حسابات الخزينة العمومية على طريقة ترقيم خاصة للحسابات للتمييز بين مختلف العمليات المالية التي يقوم المحاسب العمومي وتسجيلها في دفاتر وسجلات المحاسبة، حيث تتكون الحسابات العادية المستعملة بصفة دورية من طرف المحاسب العمومي من ستة ( 06 ) أرقام، والتي يمكن أن تتفرع بدورها إلى حسابات جزئية حسب الحاجة.

من أجل تسهيل تصنيف الحسابات، تعتمد مجموعة حسابات الخزينة العمومية على طريقة ترقيم خاصة، والتي تتمثل في طريقة الترقيم الخطي والتسلسلي، بحيث يتم تجميع العمليات ذات الطبيعة المتماثلة في حساب موحد وتحت عنوان واحد. وفي هذا الإطار، يمكن قراءة تركيب الحساب من اليسار إلى اليمين على النحو الموالي:

-      الرقم الأول للحساب يمثل رقم مجموعة الحسابات والتي تتفرع من الرقم ( 01 ) إلى ( 09

-      الرقمان الأوليان لكل حساب يعبران عن الحساب العام والذي يتفرع من الرقم ( 0) إلى ( 09

-      الأرقام الثلاثة الأولى تشكل رقم الحساب الثانوي الذي يتفرع من الرقم ( 0) إلى (09)

أما باقي التفرعات فوق ثلاثة أرقام، فتعتبر بمثابة حسابات جزئية للحساب الثانوي والتي يمكن أن تصل كأقصى حد إلى ستة (06) أرقام بعد الحساب الثانوي، ليصبح أقصى حد لتفرع حسابات مجموعة حسابات الخزينة هو تسعة (09) أرقام.