تظهر الجريمة ككيان مادي يشمل السلوك الإجرامي الذي يقوم به الفاعل والنتيجة الإجرامية الناتجة عن هذا السلوك والعلاقة السببية الرابطة بينهما، ويعد هذا الفعل مجرما إذا ورد بتجريمه نص في قانون العقوبات أو القوانين المكملة له ، إلا انه في بعض الحالات قد يعتبر الفعل جريمة طبقا لنص قانوني لكن هذا النص لا يطبق عليه لوجود أسباب تعطل تطبيقه هي أسباب الإباحة.

كما تقتضي الجريمة إضافة إلى وجود سلوك مادي يجرمه القانون وجود صلة نفسية بين هذا السلوك والفاعل بأن يكون مدركا وحرا في اختياره، فالمسؤولية الجزائية تثبت إذا اجتمع شرطان هما التمييز وحرية الاختيار ، فإذا انتفى أي من هذين الشرطين ترتب على ذلك امتناع المسؤولية الجزائية ، ومنه جاءت تسمية الأسباب التي تنفي التمييز وحرية الاختيار بموانع المسؤولية.

وعليه إذا اقترن الفعل المجرم بسبب مبيح انتفت عنه صفة التجريم وإذا فقد مرتكبه التمييز وحرية الاختيار انتفت مسؤوليته الجزائية ومن هنا تظهر أهمية هذا الموضوع الذي سنعالجه وفق خطة تضم فصلين، نتناول في الفصل الأول أسباب الإباحة وفي الفصل الثاني موانع المسؤولية الجزائية.