يعتبر مقياس مدخل للعلوم القانونية والإدارية من المقاييس المهمة في تخصص الحقوق بصفة خاصة، وفي الحياة بصفة عامة، نظرا لأن العيش في جماعة يتطلب تنظيم سلوك أفرادها وعلاقاتهم عن طريق وضع قواعد تبين ما لكل منهم من حق وما عليه من واجب، لمنع أي تداخل بين المصالح ولتجنب الفوضى واختلال التوازن، وذلك لما زود به الإنسان من أنانية وحب الذات.

   فلو انعدم مثل هذا التنظيم لكانت الكلمة المسموعة هي الفوضى، ولسادت شريعة الغاب، وأصبحت الغلبة بالتالي للأقوى، ولصدقت كلمة الفيلسوف الفرنسي BOSSUET:"حيث يملك الكل فعل ما يشاء، لا يملك أحد فعل ما يشاء، وحيث لا سيد فالكل سيد، وحيث الكل سيد فالكل عبيد"

   لذا ظهرت الحاجة إلى القانون للحد من حريات الأفراد وإزالة ما فيها من تعارض، وللتوفيق بين مصالحهم، وذلك بعد أن استشعر الأفراد الحاجة إلى قواعد تنظم تصارع المصالح بينهم، الأمر الذي من شأنه أن يودي بالجماعة كلها. وهو ما لا يمكن تجنبه إلا عن طريق فرض سلوك معين يلتزم به الكافة، مما يحقق النظام والاستقرار في المعاملات.