- Enseignant: houari kada
محتوى قانون المنافسة:
يتطلب ضمان أقل قدر من شروط المنافسة الحرة تدخل المشرع بهدف تصحيح بعض الوضعيات التي من شأن استمرارها أن يخل بالمساواة بين الأعوان الاقتصاديين داخل السوق في الوصول إلى العملاء، و يتحقق هذا التدخل من خلال فئتين من الأحكام: موضوعية و شكلية.
المضمون الموضوعي لقانون المنافسة:
إن قانون المنافسة وفقا لهذا الاعتبار هو قانون ضبط سلوكيات الأعوان الاقتصاديين داخل السوق من خلال حظر الممارسات التي من شأنها عرقلة لعبة المنافسة الحرة، و ينطبق هذا الأمر بالنسبة لحظر الممارسات المقيدة للمنافسة، و من بينها ما هو منصوص عليه بمقتضى المادة 6 من قانون 03/03 لاسيما عرقلة تحديد الأسعار حسب قواعد السوق بالتشجيع المصطنع لارتفاع الأسعار من خلا الاحتكار، أو انخفاضها من خلال الإغراق، و كذا الممارسات التمييزية Pratiques discriminatoires المتمثلة خصوصا في تطبيق شروط غير متكافئة لنفس الخدمات تجاه الشركاء التجاريين، و الأعمال المضيقة للمنافسةPratiques restrictives de la concurrence المتمثلة خصوصا في الحد من الدخول في السوق أو في ممارسة النشاطات التجارية، و كذلك بالنسبة لمراقبة التجميعات الاقتصادية concentrations économiques Contrôle des و حظرها في حال ما إذا ترتب عنها تضييقا من محال المنافسة.
المضمون الشكلي لقانون المنافسة
يتضمن قانون المنافسة - إلى جانب التدخل لأجل ضبط سلوكيات الأعوان الاقتصاديين - أحكاما تعنى بالجوانب الهيكلية في تنظيم المنافسة، و يظهر ذلك من خلال إنشاء مجلس المنافسة باعتباره السلطة الإدارية المخولة لضمان السير الحسن للمنافسة و تشجيعها، من خلال تمكينه من بعض السلطات لاسيما الرقابة على التجميعات الاقتصادية و مدى أثرها على لعبة المنافسة، و كذلك إمكانية إبداء الرأي في بعض المسائل المرتبطة بالمنافسة لاسيما النصوص التنظيمية، و معالجة القضايا المتعلقة بالممارسات المقيدة للمنافسة، إلى جانب سلطة التحقيق في مدى تطبيق النصوص القانونية و التنظيمية المتعلقة بالمنافسة.
غايات قانون المنافسة:
لا يتوقف قانون المنافسة عند غايته الأصيلة في حماية المنافسة داخل السوق، و إنما يمتد أثره إلى حماية الكيانات الاقتصادية المتنافسة، و حماية المستهلك.
1- حماية المنافسة:
تظهر أهمية قانون المنافسة في حماية مبدأ المنافسة الحرة في ذاته، بما يستتبعه ذلك من حماية السوق باعتباره مجال هذه المنافسة، و تظهر هذه الحماية من خلال حظر الممارسات المقيدة للمنافسة و المتضمنة في الفصل الثاني من القانون 03/03، حيث أن الحظر وارد على هذه الممارسات بغض النظر عن آثارها الفعلية على السوق، و هو الأمر الذي يمكن استخلاصه من نص المادة 6 من قان ن المنافسة: "تحظر الممارسات و الأعمال المدبرة ز الاتفاقيات و الاتفاقات الصريحة أو الضمنية عندما تهدف أو يمكن أن تهدف إلى عرقلة حرية المنافسة أو الحد منها أو الإخلال بها في نفس السوق أو في جزء جوهري منه..."
2- حماية المتنافسين:
تتحقق من خلال حماية المشرع لمبدأ المنافسة الحرة حماية الأعوان الاقتصاديين داخل السوق، لاسيما أمام بعض التصرفات التي حظرها المشرع، و يدخل في هذا الإطار حظر التعسف الناتج عن وضعية الهيمنة الاقتصادية مثلما ورد النص عليها بمقتضى المادة 7 من قانون المنافسة، و التعسف في استغلال وضعية التبعية الاقتصادية و التي قد تأخذ العديد من الأشكال أوردتها المادة 11 من قانون المنافسة، و تتمثل على الخصوص في رفض البيع بدون مبرر شرعي، البيع المتلازم أو التمييزي، البيع المشروط باقتناء كمية دنيا، الإلزام بإعادة البيع بسعر أدنى، و قطع العلاقة التجارية لمجرد رفض المتعامل الخضوع لشروط تجارية غير مبررة.
3- حماية المستهلك:
يختلف قانون المنافسة عن قانون حماية المستهلك في مجال إعمال كليهما، حيث يتحدد مجال قانون المنافسة في ضبط العلاقات فيما بين الأعوان الاقتصاديين داخل السوق، أما قانون حماية المستهلك فيضبط علاقات المحترفين بالمستهلكين، غير أن حماية المنافسة أو المؤسسات داخل السوق قد تستتبع بالضرورة حماية المستهلك، و يتضح ذلك من خلال حظر عمليات الاحتكار بهدف رفع الأسعار، و البيع بخسارة التي قد تعرقل لعبة المنافسة، و بما قد يؤدي إلى انسحاب الأعوان الاقتصاديين الأقل قدرة اقتصادية، و بالتالي هيمنة الأعوان الاقتصاديين الأكثر قدرة على السوق، بما يستتبعه ذلك من معاودة ارتفاع الأسعار بشكل غير مبرر اقتصاديا.
مصادر قانون المنافسة:
لا يختلف قانون المنافسة من حيث مصادره الرسمية عن غيره من فروع القانون في المنظومة القانونية الجزائرية، حتى و إن كان للمصادر الدولية في مجال المنافسة و الأعمال عموما دور جوهري، و عليه أمكن التمييز بصدد مصادر قانون المنافسة بين المصادر الوطنية، و المصادر الدولية.
المصادر الوطنية لقانون المنافسة:
بالرغم من أن المشرع الجزائري أفرد للمنافسة قانونا خاصا من خلال القانون 03/03 المتعلق بالمنافسة، إلا أن تعدد مضامين هذا الفرع من القانون يجعل من الممكن امتداده إلى نصوص أخرى ذات الصلة بالنشاط الاقتصادي و التعاقدي، و يمكن أن نشير في هذا الخصوص إلى إعمال قواعد النظرية العامة للالتزامات لاسيما منها أحكام المسؤولية المدنية، كما أن القانون التجاري باعتباره الإطار القانوني العام للنشاط التجاري الممارس من قبل الأعوان الاقتصاديين، كما لا يمكن في هذا الشأن إغفال القانون 04/02 المتعلق بالقواعد المطبقة على الممارسات التجارية، خاصة في أحكامه المتعلقة بنزاهة الممارسات التجارية، و تنظيمه للأسعار، و الشأن ذاته بالنسبة للأمر 03/04 المتعلق بالقواعد العامة المطبقة على عمليات استيراد البضائع و تصديرها.
المصادر الدولية:
يقصد بالمصادر الدولية في هذا الخصوص الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بمجال الأعمال عموما، لاسيما اتفاقيات الشراكة، و الأسواق المشتركة، و في هذا الشأن تنبغي الإشارة إلى أهمية الاتفاقية المتوسطية المنشئة للشراكة الجزائرية الأوروبية الموقعة بفالنسيا بتاريخ 22 أفريل 2002، المصادق عليها من طرف الجزائر بتاريخ 27 أفريل 2005، و التي تم بموجبها إنشاء منطقة تبادل حر بين الجزائر و المجموعة الأوربية، بما يعنيه ذلك من اندماج السوق الجزائري –باعتباره فضاء للمنافسة- ضمن السوق الأوروبي، و الأمر ذاته بالنسبة للسوق العربية المشتركة، حتى وإن لم يكتمل هيكله القانوني بالنسبة للجزائر.
- Enseignant: houari kada